الاثنين، 28 مارس 2011


ماذا لو قررت المقاومة السير على النهج الذي يقترحه جعجع؟

هذا هو سيناريو قبول حزب الله بإنهاء دور المقاومة
وتحوله إلى حزب سياسي بأجندة ومطالب داخلية!

كتب: مالك حلاوي

لفتني مؤخراً كلام رئيس القوات اللبنانية السيد سمير جعجع، الذي يرد فيه على السيد حسن نصرالله، وعموماً على حزب الله، واقتطع بعض هذه العبارات بحرفيتها وفيها يقول جعجع:

1- من نصبك أنت مقاومة؟
2- نعتبرك حزباً لبنانياً مسلحاً ولا يمكنك أن تلزمنا بقولك أنك مقاومة...
 3- ما من أحد كلّف حزب الله بالدفاع عن لبنان، ليتركوا الجيش يدافع عنّا..
 4-لا نريد منهم أن يضحوا لأجلنا وليتركوا الجيش اللبناني يضحي..
5- الحارس البلدي له شرعية بعكس هذا الذي يحمل صاروخاً...
وبغض النظر عن سلسلة الردود التي يمكن أن تنطلق من هنا وهناك نقول وكرد مبسط وأولي:
في المقام الأول: "المواطَنة اللبنانية الفعلية"، هي التي تنصِّب كل مواطن مقاوماً، طالما أن هناك عدواً جاثماً على أرضه أو يهدد حدوده.
 وفي المقام الثاني: حزب الله ألزم نفسه فقط، ولم يُلزم غيره لا بالمقاومة معه ولا  باعتباره مقاومة، لأن إنجازاته وانتصاراته تؤكد أنه مقاومة فعلاً وقولاً.
 أما في المقام الثالث، وحول نظرية "التكليف"، فإن المقاومة في أي بلد من العالم، لا ولم ولن تنتظر تكليفاً من أحد، مواطناً كان أو مؤسسة أو دولة أو حتى جيشاً، وهنا أستطرد في قضية الجيش لأقول إن المقاومة تنشأ حين لا تستطيع الجيوش القيام بواجب الدفاع والتصدي ومنع الاعتداء ودحر الاحتلال وما إلى ذلك، وهكذا نشأت المقاومة في لبنان، منذ كانت مقاومة وطنية، إلى أن أصبحت مقاومة إسلامية بفعل الظروف المعروفة للجميع، والبحث في هذه القضية يطول...
 ونصل في المقام الرابع إلى مقولة "من يريد ممن أن يضحي ولأجل من" لنقول أن المقاومة الإسلامية في لبنان حين اتخذت قرارها بالدفاع وبالتضحية، اتخذته كونها هي صاحبة الأرض وصاحبة القرار، فهي ليست مقاومة مستوردة والمقاومون هم أبناء هذه الأرض، وهم يضحون من أجل أهلهم وترابهم في الجنوب والبقاع الغربي، واستطراداً في كل منطقة تعتبر أن إسرائيل هي العدو الذي يهدد كامل الوطن، هذه التضحية التي تقدمها المقاومة دون تكليف ودون منة أو جميل، ولطالما كانت شعارات الانتصار هي "لكل لبنان"، أما في تضحيات الجيش فالوقت آت ولا ريب ليكون الجيش اللبناني، الذي بات ومنذ سنوات جيشاً داعماً لهذه المقاومة، مهما حاول البعض "دك إسفين" بينهما، هو الحامي وهو المضحي وهو السند، في حال تم رفع "فيتو" التسلح عنه ووصلنا معه إلى استراتيجية دفاعية فعلية على قدر الطموح.
أما آخر ما قاله جعجع حول عدم شرعية المقاوم وصاروخه، مقارنة مع شرعية "الحارس البلدي"، فهو أخطر الكلام، وإن اعتقد البعض أنه كلام عابر، لكن "الحكيم" عوَّدنا على عدم قول الكلام العابر، بل هناك هدف كبير نتركه لكلمة الختام، مع ترحيبنا هنا باستراتيجية دفاعية "جعجعية" تصد غداً غارات إسرائيل بمسدس "الحارس البلدي" أو عصاه، أو رشاشه المخفي داخل سيارة على جانب الطريق، لسبب سنعرفه لاحقاً...!
إذن أقول وبغض النظر عن هذه الردود، تعالوا نضع معاً فرضية أن حزب الله، وانسجاماً مع طلب جعجع، أعلن غداً انه سيتخلى عن مقاومته وعن توجيه صواريخه باتجاه إسرائيل تاركاً مهمة الدفاع للجيش اللبناني، ومرتاحاً من مهماته الحدودية، أعلن المسؤولون فيه أنهم مجرد حزب سياسي لبناني يعمل في الإطار السياسي الداخلي وهذا ما سوف تترتب عليه:
1-    داخلياً، المزيد من الغوص في الهموم الشعبية لجمهور هذا الحزب، واستطراداً للقوى الحليفة معه، هذه الهموم التي ستتفجر وتحرِّك الشارع، وهذه المرة بدون سلاح، وربما تشل البلد لفترة قد تطول أكثر بكثير من "انتفاضة الخيام في الأسواق التجارية"، لنصل إلى هاوية اقتصادية يريدها الكثيرون مبرراً تدفعهم للمزيد من خصخصة كل ثرواتنا الوطنية، من الطاقة والنفط والمواصلات والاتصالات وصولاً إلى الماء، هذا المشروع الخلافي الكبير الكفيل وحده بتفجير البلد، وإدخاله في صراع لن يحتاج حزب الله لسلاحه للحسم فيه، بل سيؤدي، وتبعاً لما سيترتب عليه خارجياً، إلى السيناريو المنشود من فرضيتنا هذه، فماذا عن المترتبات الخارجية؟
2-    خارجياً، وبمجرد دخول لبنان في أي نفق مجهول المصير، سوف يكون الغرب أول من يستشعر بالخطر مما ستؤول إليه الأوضاع، وأخطر ما في الأمر هو التهديد من انفلات على الحدود يذكرنا بما كانت عليها الحال في السبعينات، ما يعني الوصول إلى خلاصة السيناريو المفترض:
  فبإيعاز إسرائيلي، وبوجود قوة كحزب الله أثبتت صلابتها وفاعليتها وقدرتها على الإمساك بزمام الأمور أمنياً، وبما أن هذا الحزب تعهد بعدم توجيه سلاحه إلى إسرائيل وإيقاف مقاومته بوجهها، فإن الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي سوف يسارعون وعن طيب خاطر إلى تلزيم لبنان "كل لبنان" لحزب الله، كما سبق وتم تلزيمه لسوريا، والكل يعلم أن إعادة تلزيم لبنان لسوريا في العام 2006 كانت مطلوبة من أمريكا لكنها مشروطة بالتخلي عن المقاومة في لبنان، واليوم لو حاولنا البحث في أعماق السيناريوهات الغربية والإسرائيلية الموضوعة قيد الدرس، فإن أقربها للتداول منطقياً هو دولة آمنة وتعطي الأمان لإسرائيل، ولا مانع إذا كان من يضمن هذا الآمان لإسرائيل هو حزب الله أو حتى "الحرس الثوري الإيراني" نفسه، من هنا لن يكون هناك أي مجال للحالمين بمشروع فيدرالي أو كونفيدرالي أو أي مشروع للكانتونات، لأن مشروعاً كهذا فشلت كل محاولات تطبيقه واستنفذت كل محاولات التسويق له، باعتباره يزيد من حالة التوتر الداخلي والخارجي وليس العكس!
وهكذا وبكل بساطة نجد أن كل "اللآت" التي تنطلق اليوم بوجه سلاح حزب الله هي "لآت" ليست للسلاح في الداخل، بل على العكس للسلاح نحو الخارج، والكل يعلم ذلك، إلا بعض الجمهور المضلـَّل، في حين أن أقطاب هذه الحملات ومن خلفهم الخارج لا يريدون أكثر من طمأنة إسرائيل إلى عدم توجيه هذه الصواريخ، التي لا جدوى منها في الداخل، حتى لو كان لحاملها النية في ذلك، ومن هنا يريد جعجع سحب شرعية حامل هذا "الصاروخ" وتكريس شرعية "الحارس البلدي" الذي بات اليوم جله وبكل أسف من نمط الحرس الطائفي أو الحزبي والمناطقي، حيث كل حزب أو طائفة تسيطر على إحدى البلديات قامت بتعيين العشرات من أنصار ميليشياتها بصفة "حارس بلدي" لغاية في نفس يعقوب، مزوِّدة إياه بأوامر من نوع "حماية المنطقة أو الحي أو البلدة" من الأحياء والمناطق والبلدات المجاورة، خصوصاً في مناطق التماس السابقة، وهنا نعلم ما هو دور السيارة والرشاش البلدي الشرعي داخلها!.    

هناك تعليق واحد: