الجمعة، 24 فبراير 2012

استقالة نحاس أسقطت ورقة التوت


قاموس المصطلحات اللبناني إلى المزيد من الإبداعات..
بعد سياسة النأي بالنفس سياسة "قوننة السرقات"!
إذا كانت عمليةُ الدفع بالوزير شربل نحاس للاستقالة هي بحد ذاتها فضيحةَ الفضائح بالنسبة لهذا النظام بـ"أربعة عشره وثمانياته"، وفي نفس الوقت بتجاره ونقاباته على حدٍّ سواء، وفي المقدمة نقابة عماله واتحاد نقابته مجتمعة.ً
 إذا كانت هذه الاستقالة والتداعيات التي ترافقت معها، من محاولات"تدجين نحاس" إلى سحب البساط أو الغطاء السياسي عنه، وصولاً إلى سرعة تعيين البديل، قد كشفت عورةَ الجميع وفي مقدمهم أقطابِ "التغيير والإصلاح" الذين بدا واضحاً أنهم لا يختلفون عن غيرهم في المفاصل المصيرية، حيث يقتضي الموقف "التمترس" وراء الطائفة أو المذهب أو تقاسم الغنائم لهذه الطوائف والمذاهب.
أقول إذا كانت هذه الاستقالة قد أسقطت ورقة التوت عن الجميع، فإن ما شاهدناه في الجلسة التي أرتُكب فيها فعلُ "العهر السياسي" هذا، لم يتوقف عند حدِّ هذا "الفعل الحرام" بل تعداه لما هو أكثر بكثير:
بدايةً ثبُت للجميع (في الأكثرية المغلوب على أمرها) أنهم اعتادوا لعبة تقديم التنازلات غير مدفوعة الثمن، حيث "اغتالوا" نحاس بناءً على وثيقةِ بيعٍ وشراء، فوجدوا أنهم باعوا ولم يقبضوا حتى "عربون" الصفقة بعد تأجيل الدفع، تماماً كما باعوا ويبيعون كل شيء للرئيس ميقاتي ولم يقبضوا واحد بالمائة مما كان سيدفعه الحريري لو تمت الصفقة معه... 
وفي مقلبٍ آخر تبين أن "الأقليةَ المنتصرة" ما تزال تمسك زمام الأمور حكومياً وبرلمانياً، وباستطاعتها إدارة الدفة كما تشاء، وساعة تشاء، وما كلام الرئيس بري عن رفع الجلسة وهي غير فاقدة للنصاب درءاً للفتنة، أو لعدم تسجيل سابقة بغياب نواب المستقبل "السنة"، إلا من باب تثبيت هذا الكلام، وكأننا نؤكد لشعبنا أن ميقاتي والصفدي وغيرهما الكثير داخل وخارج الحكومة والبرلمان هم من غير أهل السنة، أو على الأقل لا يمثلون شيئاً في الشارع السني (ونجن رغم ذلك نسلم مصيرنا ورقابنا لميقاتي دون أن نعلم من يمثل)  من هنا فإن هذه الأقلية ستفرض دائماً على الجميع داخل الحكومة: "جماعة الثامن من آذار" و"جماعة ميقاتي" و"جماعة جنبلاط" و"جماعة الرئيس سليمان" صفةَ الجماعات الذين "يجتمعون ولا يحكمون" اللهم إلا بما تمليه عليهم لعبة "تقاسم الجبنة" التي ما تزال سائدة منذ ما سُمي باستقلال لبنان!  وستكون حصة هذه "الأقلية" من الجبنة هي الأرجح، حتى ولو كانوا يشتمون الجميع من: ميقاتي والرئيس إلى الجيش وكتحصيل حاصل المقاومة وعون....
من ناحية أخرى فإن سياسة تقاسم الجبنة هذه أدخلت اليوم على قاموس المصطلحات اللبنانية مفردة أخرى هي "القوننة" وتحديداً قوننة السرقات: "سامحونا بسرقة الـ11 مليار، منسامحكم بالـ8مليارات أو التسعة إلا...."...
إذن هناك اعتراف واضح بالسرقة من قبل فريق السنيورة اليوم، وإلا لماذا "القوننة" إذا كان ما جرى قانونياً ولم يكن مخالفاً للقانون...؟!
وبالتأكيد هناك اعتراف بالسرقة سوف يُعلن من قبل الفريق الآخر في حال تمت الصفقة تحت أي غطاء أو تبرير...
الجنرال عون يقول إنه لن يسامح بالـ11مليار، ونحن نقول إذا كان ميشال عون، وبعد تخليه عن أحد أهم أسلحته في هذه المعركة (وهو الوزير شربل نحاس)، قادراً بالفعل على إدانة السنيورة وإدخاله السجن (نعم إدخاله السجن الذي أخرجه منه الرئيس الشهيد رفيق الحريري بصفقة معروفة) فإن مفاعيل هذا "العهر السياسي" الذي رأيناه في "الجلسة المرتكبة" بالأمس تكون قد تراجعت لمصلحة الإصلاح والتغيير الفعليين، وإلا:
فنحن سنبقى بلد المصطلحات الغريبة العجيبة من المصطلح المهزلة الذي اسمه "الديمقراطية التوافقية" وصولاً إلى مصطلح "النأي بالنفس" مروراً بعشرات المصطلحات التي لا نسمعها إلا على لسان سياسيينا، وفي طليعتها "تدوير الزوايا" على سبيل المثال لا الحصر!   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق