الثلاثاء، 31 مايو 2011


بعد المشهد العام لقضية الشبكة الثالثة
حقيقة واحدة باتت ثابتة وحتمية
كتب: مالك حلاوي

بعد المشهِد العام الذي شاهدناه في قضيةِ الشبكةِ الثالثةِ للاتصالات بات علينا جميعاً في لبنان أن نصل إلى خلاصةٍ حتميةٍ لا مجال للتلاعب بها أو لنقضها...
نحن في بلدٍ لا مكان للحقيقة فيه، ولا حتى لحقيقة أن الشمس تشرق من الشرق وأن اللبن أبيض اللون وأن الموت حقٌ وكلنا إلى زوال...
بعد هذا المشهد الذي لا لُبس فيه، والذي لا احتمالات في تحليله، ولا حاجة للاستعانة حتى بصديق لتفسيره، ولكن جاءنا من يستطيع أن يلبسه لبوساً على مقاسه، ويحمِّله وزر كل عهره السياسي، ويفسِّره بعد الجهد لا كما فسّر الأسلاف الماء بالماء، بل يفسَّر لنا الماء بالوباء...
بعد كل الذي سمعناه وشاهدناه لن أتوقف كعادتي عند كل التحليلات والجدال الحاصل، بل سأدخل الموضوع من بابٍ آخر وأقول:
الحق كل الحق مع اللواء أشرف ريفي ومن يناصره، وهو أشرف الناس كما يصورونه، وهو وفريقه لم يعتدوا على الدولة ومقوماتها ولم يكن لديهم كتيبة ميليشاوية من 400 عنصر لتنفيذ مهمة مشبوهة، بل قوةٌ نظاميةٌ نفذت أوامرَ رسميةً وشرعيةً.
 إنما ما حصل بعد هذا المشهد، هل يمكن أن يكون نظامياً وشرعياً:
إن رفع شعارات التأييد المناطقية ولافتات التجييش الفئوية، واعتبار هذا العسكري- اللواء هو الرمز والزعيم والبطل، ألا يُعد ذلك تحدياً لكل النظام القائم ولكل ما هو رسمي وشرعي، خصوصاً وإننا أمام معركة بين وزيرين  إثنين من جهة وعسكري واحد من جهة أخرى؟؟؟؟
هذا هو السؤال...



فهل من مجيب، خصوصاً وإن ظاهرة "زعامة ريفي" ورفع اللافتات والشعارات له بين بيروت وطرابلس لم تكن يوماً مسألة عفوية أو فردية أو حتى حصرية محلياً، بل باتت دون أدنى مواربة رمزاً لمشروع كبيرٍ الكل يحذّر منه ولكن كما يبدو هناك من يسعى إليه بأي ثمن، وأعني به مشروع الفتنة الشيعية السنية، وهذه هي الحقيقة الواحدة والثابتة كما يبدو فبوركت لكم هذه الحقيقة...


إشارة أخيرة إلى وجوب الاستعانة بمصحِّح لغوي لتفادي الأخطاء اللغوية فيها (ولا أعرف ما إذا كانت الترجمة من الأمريكية إلى العربية، أو من العبرية هي السبب وراء عدم سلامة اللغة)     

الثلاثاء، 24 مايو 2011

14 آذار وعقدة الخوف!


عقدة الخوف من سوريا
إلى متى ستبقى هي المتحكمة بـ14 آذار ومشاريعها وتصاريحها ؟؟؟



كتب: مالك حلاوي

في الأمس غير البعيد ومع بداية الكلام عن إسقاط الرئيس إميل لحود، بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذه الجريمة التي يُستدل على مرتكبيها من تداعياتها وما حصل من توجيه أصابع الاتهام بعد ساعات على ارتكابها، وصولاً إلى تكريس "انتصار فكرة العداء لسوريا وللمقاومة"، والأهم تحقيق مشروع الاستيلاء على مقومات الوطن لخمس سنوات وأكثر من قبل ما سُمي يومها بـ"ثورة الأرز" وهي في الحقيقة "ثورة بولتون" الشهيرة... يومها تسابق زعماء تلك الثورة في القول (ولتأكيد عدم شرعية التمديد للرئيس لحود) أنهم كانوا خائفين من المخابرات السورية لذلك مدَّدوا قسراً للرئيس...
ويومها تساءلنا كيف نسلم رأسنا ومصير بلدنا لزعماء يتملكهم الخوف من ظابط مخابرات فيسلمون له طوعاً رئاسة البلد وهم يعلمون أن هذا الرئيس، وحسب سياستهم وسياسة منظريهم، هو "عميل للمحتل السوري"، وماذا يضمن لنا عدم تكرار هذا التسليم لرئيس لاحق يكون "عميلاً للمحتل الإسرائيلي" بفعل نفس الخوف؟؟؟؟
اليوم تتكرر الصورة ولكن بصورة معاكسة..
كل ما يقومون به يوحي بأنهم يساندون ما يُسمى بـ"الثورة السورية"، بينما كل تصريحاتهم تؤكد العكس وتنظـِّر لمقولة عدم التدخل بالشؤون السورية، وأكثر من ذلك بأنهم يعرفون أن "استقرار لبنان من استقرار سوريا والعكس بالعكس"...
إن كل ما نراه مؤخراً على حدود وادي خالد، وفي محاولات إحياء مهرجانات تضامن "إنسانية" مع "المظلومين الهاربين" من "تل كلخ" وغيرها من مدنٍ لم تعرف من الثورة سوى قتل الجنود والمدنيين المناصرين للدولة، لم نر مثيلاً له في إطار هذه الإنسانية مع عشرات آلاف المهجَّرين العراقيين المظلومين قولاً وفعلاً..
 كما لم نسمع تصريحاً واحداً لأي من هؤلاء الأقطاب الذين شاهدناهم اليوم في مهرجان "سن الفيل" بعد إسقاط "مهرجان البريستول" بفعل هذا الخوف المعشش كما يبدو في هذه النفوس، لماذا لا نرى ولو مرة واحدة بعض الجرأة في إعلان الموقف الواضح والصريح من هؤلاء بأنهم يعادون سوريا وكل مشاريع الممانعة العربية، ولا يريدون إلا المشروع الأمريكي الساعي لاستقرار وأمن إسرائيل في المنطقة؟؟؟
 إن كلاماً يطلقه كلٌّ من النائبين: محمد كبارة وخالد الضاهر، ويكرره النائب السابق فارس سعيد عن عدم علاقة 14 آذار (وهو أمينها العام) بما يجري، وبحضور جهابذة إعلاميين من وزن نهاد المشنوق ومي شدياق،  تكريساً لمشروعٍ عهدوا هم به إلى "الجهبذ الصغير" صالح المشنوق، عن هذه الحيادية والإنسانية (رغم مشاركتهم الفاعلة تحضيراً وحضوراً لهذا الحدث الهزيل)لا يعني في الحقيقة إلا "وضع قدمٍ في الفلاحة وقدمٍ في البور" كما يقال في عاميتنا، من نفس باب "عقدة الخوف" المتحكمة بهم بوجود سوريا على الأرض اللبنانية أو بغيابها عنها، بوجود غازي كنعان أو رستم غزالة أو حتى "مجهول شفنطح" الخوف هو نفس الخوف لأن الجبان ودائماً كما يقال في عاميتنا "يخاف من خياله"...
كونوا أقوياء ولو لمرة واحدة وقولوا:



نحن نكره سوريا بدولتها وبشعبها، لأن شعبها هو من يكرس شرعية هذه الدولة بأكثريته الساحقة، نحن نكره هذا النظام لأنه يساند المقاومة في لبنان، ونحن مع أسيادنا نريد رأس هذه المقاومة لتقديمها على مذبح "حب الحياة مهما كان الثمن" ولو من خلال إعادة نظرية "قوة لبنان بضعفه" تكريساً لسلطتنا وزعاماتنا ووضع اليد على اقتصاد البلد، للمزيد من السرقة ولمضاعفة المديونية إلى المائة مليار دولار بهمة مشاريعكم الاقتصادية المشبوهة، من الاتصالات إلى الطاقة مروراً بالشؤون الإجتماعية والهبات المنهوبة من جيوب المتضررين والمصابين وحتى عوائل الشهداء والجرحى...



الاثنين، 16 مايو 2011


من كامل أمين ثابت
 إلى عبد الحليم خدام مع أطيب التمنيات...

كتب: مالك حلاوي

انتبهوا جيداً أيها السادة...
الكل يعرف اليوم من هو عبد الحليم خدام، وللتذكير به أكثر نقول إنه أول من أصدر بياناً من الإذاعة السورية (وكان يومها محافظاً للجولان) ليعلن سقوط القنيطرة بيد الإسرائيليين قبل حوالي 24 ساعة من السقوط الفعلي لها، في حين كانت وحدات من الجيش السوري قد وصلت إلى مشارف مدينة طبريا المُحْتلة، لكن وبسبب هذا البيان أصدر وزير الدفاع السوري أمراً إلى قواته المتقدمة بالإنسحاب الفوري من الجبهة، ما تسبّب بمقتل عشرات الجنود والضباط، مسهّلاً بذلك للقوات الإسرائيلية تعقبهم حتى القنيطرة....
وكثيرون لا يعرفون من هو كامل أمين ثابت، لكنهم يعرفون بالطبع اسمه الحقيقي، لأن العضو القيادي لحزب البعث العربي الإشتراكي والمرشح الأوفر حظاً للمناصب الوزارية في حينه كامل ثابت لديه اسم آخر أكثر شهرة، وهذا الإسم هو ما أسقطه أو لنقل أسقط من يده الحقيبة الوزارية في عهد الرئيس السوري أمين الحافظ...
الأول، أي خدام، توصل إلى أن يحكم الشام لمدة 37 يوماً كرئيس للجمهورية بالنيابة، بعد رحيل الرئيس السوري حافظ الأسد، بصفته أحد نواب الرئيس يومها...
 أما الثاني أو كامل أمين ثابت، فقد كان على قاب قوسين من حكم سوريا بالأصالة لا بالنيابة، وكانت الوزارة بمتناول يده ولم يكن متلهفاً لها لأنه كان يسعى لما هو أكبر بكثير، لولا أن رفعت الجمال (الجاسوس المصري الشهير) تعرَّف إليه من خلال صورة له في صحيفة لبنانية، كقيادي سوري، في حين كان يعرفه في فلسطين  باسمه الحقيقي، فكشف هذا الإسم وحمله مع صلاح نصر ومحمد نسيم إلى الرئيس جمال عبد الناصر، ومنه إلى الرئيس السوري أمين الحافظ معلنين له أن أحد قادة حزبه كامل أمين ثابت ما هو إلا إلياهو بن شاؤول كوهين، اليهودي من أصل سوري حلبي، والذي ‏ولد في الإسكندرية قبل أن يبدأ سيرته الطويلة كجاسوس إسرائيلي تنقـَّل بين مصر (وفيها حمل اسم جون دارلينج‏) وأسس أول جهاز مخابراتي إسرائيلي ، قبل هربه إلى فلسطين ثم انتقاله إلى الأرجنتين، تحضيراً لمهمته الكبرى التي حطت رحاله في دمشق..
 إيلي كوهين صدر حكم إعدامه في 18 أيار مايو 1965...
منذ هذه الصدمة في العمل المخابراتي الإسرائيلي قرر جهاز الموساد (والذي كان يحمل اسم جهاز أمان للمخابرات الإسرائيلية أيام كوهين)  عدم الاعتماد في العالم العربي على جواسيس من أصل يهودي لسهولة اكتشافهم وجرى تجنيد العشرات من "أبناء البلد" الأصليين ليكونوا بدائل كوهين في حكم شعوبهم....
ولن نستعرض من وصل منهم إلى سدة الرئاسة ومن بدأت بفضحهم الثورات العربية من حلفاء أميركا وإسرائيل...
وبالعودة إلى موضوعنا فقد تذكرت هذه القضية وأنا استمع إلى تصريحات نائب الرئيس السوري، ورئيسها المفترض، لولا أن خذلته قدرة الرئيس بشار الأسد على قيادة سوريا، وهو الذي لم يعترض على رئاسته بدايةً، مراهناً على سقوطه لعدم خبرته ولطراوة عوده (كما كان يقول في مجالسه) مؤكداً انه لن يكمل السنة في حكم سوريا قبل أن يؤول الحكم إليه، لكن عندما سقط هذا الرهان هرب إلى أميركا ليبدأ من هناك إكمال مهمته التي زُرع لأجلها في سوريا، والتي لطالما أخفاها، لكن جاءت المقابلتان للكشف عنها، لأنه يراهن اليوم أن الغلبة ستكون بعد هذه الفوضى الحاصلة في الشارع العربي عموماً وفي الشارع السوري من بينها، هي للزمن الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، وهو رهان وإن لم يكن محسوماً بالنسبة لخدام والكثيرين ممن يشاركونه هذا الرهان، لكنهم يدركون انه لم يعد لديهم من رهان غيره، وأن كل "بيضاتهم" باتت في هذه السلة الوحيدة....



الأربعاء، 4 مايو 2011


غسان بن جدو التزم
 بعدم "كشف أسرار الجزيرة"



لكنه وضعها تحت شبهة عدم المصداقية!

بقلم: مالك حلاوي

هي ليست مجرد استقالة بل مسألة أخطر بكثير، إنها نهاية حلم بمصداقية مؤسسة إعلامية عاش فيها لأربعة عشر عاماً، كما قال الإعلامي الكبير غسان بن جدو في أولى انطباعات استقالته من قناة الجزيرة، وقبيل حسم مسألة الاستقالة، قبولاً أو رفضاً من جانب الإدارة، وبعده أتت استقالة الإعلامية السورية لونا شبلي وعلى نفس الخلفية لتضع المؤسسة الإعلامية ككل تحت دائرة الشبهة والاتهام.
وأخيراً أطل الإعلامي غسان بن جدو ليشرح بنفسه أمرا بات بعهدة الناس دون الحاجة إلى مزيدٍ من الإيضاح، هذا الإيضاح الذي انتظره البعض (ممن لا يعرفون غسان بن جدو) من خلال ظهوره في برنامج "للنشر" على شاشة تلفزيون "الجديد" أما من يعرفه فلم ينتظر منه سوى هذا الكلام بالعموميات حول الاستقالة، وهذه التلميحات الواضحة والتي تحمل عشرات المعاني، دون أن تفك التزامه بما أسماه "التعهد بعدم البوح بأسرار مؤسسة إعلامية عاش فيها لسنوات"...
غسان بن جدو في "الجديد" قال ومن خلال حرفية مقدم البرنامج طوني خليفة أكثر مما كان مفترضاً به أن يقول، معترفاً بعدم إمكانية بقائه "شاهد زور" في قناة "الجزيرة" لينفرد البرنامج أيضاً بتصريح أول له بالعمل على افتتاح فضائية خاصة به ترضي طموحاته وطموحات أمثاله من الإعلاميين الساعين للحقيقة دون مواربة...
وهو وإن يكن قد أعلن صحة كل ما نُشر في صحيفة "السفير" حول هذه الإستقالة وما بعدها، وفي المقدمة افتتاحه لمطعمٍ أو ربما سلسلة مطاعمٍ أو مقاهىٍ ستكون باكورتها انطلاقاً من ضاحية بيروت الجنوبية، لما يكنه لهذه المنطقة من تقدير، أوضح ما التبس على الناس من احتمال تركه للإعلام والتفرغ لإدارة هذه المطاعم، وافتتاح قناته الخاصة يؤكد هذا الأمر.

أما في مسألة علاقة استقالته بما تم بثه من حوار تحت الهواء بين زميله على الظفيري والنائب السابق في الكنيست الإسرائيلي عزمي بشارة، وقيل أنه نتيجة خطأ مخرج البرنامج، فقد تهرب بن جدو بذكاء من هذا الموضوع الدقيق والحساس، بالرغم من أن خليفة أوحى له، ولمجرد الاستفزاز، بأنه ربما يكون هو من تسبب في هذه الفضيحة التي طالت بشارة و"الجزيرة" في آن. لكن غسان بن جدو حاول التخفيف من هذه القضية الدقيقة والحساسة والتي تثبت بما لا يقبل الجدل انحراف القناة عن الموضوعية وانحراف "المفكر العربي بشارة" عن المصداقية التي كادت تصنِّفه بين كبار المدافعين عن قضايا الأمة، ليتأكد أنه ما يزال على انتهازيته منذ تولى منصب نائبٍ إسرائيلي، إلى أن تمت إقالته يوم بدأ بمحاولات تبييض صفحته عربياً عن طريق إعلان الولاء لسوريا الأمر الذي تسبب بطرده من البرلمان...

في الخلاصة يمكن القول هنا إن غسان بن جدو التزم بعدم "كشف أسرار الجزيرة" كما يقتضي التعهد الذي اعترف بتوقيعه مع الإدارة، مشيراً إلى أنه تعهدٌ عادي تقوم به كل المؤسسات مع العاملين معها، دون أن يشرح لنا كيف استطاعت زميلته الإعلامية السورية لونا شبلي أن تتجاوز هذا التعهد وتعلن صراحة عن أن استقالتها جاءت بعدما لمست بأم عينها انحراف هذه القناة وقيامها بدور مشبوه في قضايا الأمة العربية اليوم واضعة النقاط على الحروف في التستر على كل ما يحصل في الخليج العربي عموماً والبحرين بوجه خاص، وبالمقابل التلاعب بحقيقة ما يجري في سوريا وفي إيران...!   
لكن دماثة أخلاق بن جدو المعروفة لم تمنع الذين يقرأون ما بين السطور من إدراك أنه قد وضعه "قناة الجزيرة" تحت شبهة عدم المصداقية بمجرد الإستقالة والبحث عن منبر حر!

الاثنين، 2 مايو 2011


تسويق "فيلم مقتل بن لادن" ضرورة غربية

لامتصاص مفاعيل الثورات العربية


كتب: مالك حلاوي

يوم حصلت واقعة 9/11 في الولايات المتحدة الأمريكية أيقظوني من قيلولة الظهيرة ليعلموني بالخبر، ورأيت على وجوه البعض سعادةً بما يحصل، فنحن شعب عانى ما عاناه من استكبار أميركا وجنونها وبطشها. ولكنني كنت الوحيد بين الموجودين، ومنذ اللحظة الأولى قد توجست من هذا الحدث، وقلت لا بد أن نعرف تداعيات هذا الأمر ونترقب الويلات التي سوف يجرها علينا، وبالفعل تبين لاحقاً أن الذي حصل ما هو إلا محطة أخرى من محطات استئثار أمريكا بالقرار العالمي من بوابة الحرب على الإرهاب، سواء كانت أو لم تكن هي (أو حليفتها إسرائيل) من دبَّر أو سهَّل أو تغاضى عن هذه الجريمة، حيث جرى استثمار الواقعة أفضل استثمار في كل أنحاء العالم، والأهم في العالمين العربي والإسلامي، لوضع اليد على اقتصاد العالم، وفي المقدمة النفط من جهة، وحماية إسرائيل من جهة أخرى. وها نحن اليوم نشهد أحد فصول هذا الاستثمار عن طريق الإعلان عن هذه "العملية البطولية" لرامبو الأمريكي في باكستان من أجل المزيد من تسويق هذا "الحارس" القوي لديمقراطيات المنطقة في أحرج الأوقات التي تمر بها هذه المنطقة، وللقول إن من يصل إلى "بن لادن"، الذي كان حتى تاريخه "المتخفي الأول" والمطلوب رقم واحد بالنسبة لأمريكا،  يمكنه الوصول إلى غيره أياً يكن وأنى يكن!!!
لقد تناست أمريكا أو من سيحاول معها استثمار هذه الواقعة أن "بن لادن"هو صنيعتها،  وهو تماماً بمثابة "فرانكشتاين"، الذي جمعت هي أشلاءه وقامت بتوليفه، ورمته على الساحة الإسلامية،  يوم أرادت من خلاله محاربة الروس"الملحدين" على ساحة أفغانستان، وهي على هذا الأساس تدرك جيداً كيف يعمل ويفكر هو ومن هم حوله، وبغض النظر عن حقيقة ما جرى في هذه العملية أو ما خفي منها أو قبلها فالأمر كل الأمر أن مفتاح القضاء على صورته كان بيدها، منذ سقوط "طالبان"، وأن إعلان قتل بن لادن اليوم في أوج الثورات العربية المتحركة، وفي أوج "الثورات المضادة" التي يجري تحريكها، بات بالنسبة للأمريكي أهم بكثير من متابعة استثمار تداعيات واقعة 9/11، واستثمار "حروب بن لادن الإعلانية" على أمريكا وحروبها الإستباقية ضد "الأرهاب" المفترض في بعض الدول العربية والإسلامية.

لقد رأينا ومنذ ثورتي تونس ومصر المجيدتين، هذا اللهاث الأمريكي لإعادة خلط الأوراق واستقطاب هاتين الثورتين، أو على الأقل تقليص خطر خسارتها للنظامين الحليفين في مصر وتونس، تماماً كما يحصل مع بقية الأنظمة الحليفة من ليبيا إلى البحرين، كما رأينا محاولات نقل هذه الثورات عبر ثورات مضادة إلى كلٍّ من سوريا وإيران، عبر استغلال ما هو متيسر من معارضات فعلية وشريفة ومحقة تريد إصلاحاتٍ وديمقراطياتٍ نفتقد إليها بحدود متفاوتة هنا وهناك، وحقنها بـ"معارضات بن لادنية-صُنعت في أمريكا"، كما رأى صناع السياسة الأمريكية أن الغرب يحتاج اليوم إلى حقنة منشطات قوية لسياسته في هذه المنطقة التي تشهد بركاناً من الصحوة الشبابية هذه الصحوة التي، ومهما اختلفت مبرراتها في كل بلد فإن عدوها الأول، منذ سقوط الإتحاد السوفيتي، هو هذا الاستئثار الأمريكي بالقرار العالمي من خلال الإمساك برأس الأنظمة العربية، وما فقدان هذه الأنظمة إلا بمثابة انهيار هذه المنظومة العالمية الجديدة...
خلاصة القول إن إعلان القضاء على بن لادن والاحتفال الأمريكي به على بوابة البيت الأبيض في أول ظاهرة من نوعها هناك، ما هو إلا رسالة لمنطقتنا يجب أن نتلقفها بعكس أهدافها معتبرين أنها مجرد "فيلم أمريكي" من نوع "الأكشن" الذي أجادت هوليوود صناعته وشدتنا إليه، لأنها اعتمدت غالباً على خبرات عالية كان العرب من أهم المساهمين والممولين فيها، وأخفقت واشنطن-البيت الأبيض في تقليده لأنها اعتمدت على خبراء الـCIA ومن خلفهم الموساد وكلاهما لا علاقة له في هذا "الآكشن الفني" وكل مآثرهما تنحصر في صناعة المجازر، من العراق وأفغانستان إلى لبنان، وصناعة الأفلام الهابطة التي شاهدنا عينات منها في العراق "المجندة الأمريكية والمعتقل العاري على سبيل المثال لا الحصر" واليوم هذا الفيلم الرديء الهابط في صورة بن لادن المقتول، وبنسخة باكستانية هذه المرة... !  
إذاً لمن يسأل عن علاقة التوقيت في هذه القضية نقول:
نعم إن تسويق "فيلم مقتل بن لادن" في هذا الوقت بالذات كان ضرورة غربية لامتصاص مفاعيل الثورات العربية، أو على الأقل للتأثير على صانعيها بأن من يحمي هذه الثورات وديمقراطيتها هو هذا الراعي الأمريكي القوي، فاقتضى التنويه!