الخميس، 22 ديسمبر 2011

عن مجلة زهرة الخليج


كلام أصالة في السياسة....
إلى أي حد يمكن أن نأخذه على محمل "الأهمية لا الجد"؟؟

كتب: مالك حلاوي
في مجلة "زهرة الخليج"
لم أكتب كلمةً واحدة، ولم أكن بنية الكتابة عن أصالة نصري تحديداً، استناداً إلى المواقف السياسية حول سوريا، لعدة أسبابٍ أبرزها وأهمها أن تناولَ ما قالته من باب تصنيفها إلى جانب المعارضة بمواجهة الموالاة أو مع "الثورة" وضد النظام، هو بحد ذاته قضية ملتبسة تضع أصالة (وآسف للتعبير) أكبر بكثير من حجمها في قضيةٍ بهذا الحجم، ولولا أن طُلب مني إبداء الرأي لبقيت على هذا الموقف، والذي سأُضطر هنا لإيضاحه أكثر، كي لا أكون قد بالغت في التقليل من شأن أصالة "المتكلمة"، بعيداً عن أصالة نصري المطربة، التي تتمتع بجمهور واسع يعشق صوتها، ولن يقدِّم أو يؤخر إظهار موقفي الشخصي منها (كمطربة) أو إعجابي وعدم إعجابي بصوتها!!!
إن أصالة نصري (ومنذ سنوات) قد فرضت على عشرات الإعلاميين ممن يتابعون تصريحاتها على: شاشات التلفزة، أو الإذاعات أو المطبوعات وكذلك المواقع الإلكترونية الناشطة، أن يقولوا لها عبارةٍ واحدة، وإن اختلفت أساليب التعبير فيها، ومفادها: "عليكِ الاكتفاءُ بالغناءِ وعدم الكلام"...
كانت تلك العبارة تُقال دائماً لها، وهي تتكلم في شؤونٍ عاديةٍ جداً من شؤون الزواج والحب والأمومة، وحتى في نقد الزملاء والزميلات، ما يعني أنها وفي الشؤون الحياتية التي يحق لأيٍّ كان النقاش بها وطرح أو إبداء الرأي فيها، كانت توحي للجميع بأن كلامها دون مستوى صوتها وحضورها الفني، ما يدفع المخلصين والمحبين لها لقول عبارتهم تلك من باب الحفاظ على صورتها النقية، والتي يفترضها الناس ويطبعون شخصيتها بطابعها وهم يستمعون إلى أغنياتها، خصوصاً تلك التي كانت تتمتع بلمسات وجدانية وإنسانية، دون الدخول في متاهة أغنياتها الوطنية.
إذن أصالة كانت وحين تتكلم بأبسط القضايا تسقط من "عليائها" كفنانة، يُفترض بها السمو والترفع عن الصغائر، لتقع في المحظور وتدفعنا للقول "ليتها لم تتكلم...!" فما بالكم وهي الآن قد أدلت بدلوها في الشؤون السياسية، وفي قضيةٍ وطنيةٍ حسَّاسةً، قضية وطن وأي وطن.... إنها سوريا، سوريا التي تتجاوز موقعها كدولة وكوطن إلى كونها دولة محورية في المنطقة،  تصغر فيها الملفات الداخلية على أهميتها أمام الملفات الخارجية الكبرى،  هذه القضية التي التبست على غيرها ممن هم أكثر منها وعياً فكرياً وسياسياً، ولأنني لست هنا في معرض التحليل السياسي لما يجري في سوريا، وكي لا أُفهم بصورة مغايرة في مجال ما قلته عن "الملفين الداخلي والخارجي" أقول إن أحداً لا يمكنه إنكار حق الشعب السوري بإصلاح داخلي يبدأ بعدم التوريث العائلي وحتى الحزبي، ولا ينتهي عند تأمين العيش الكريم لكل شرائح الشعب مادياً ومعنوياً مروراً بالانفتاح الإعلامي... ولكن مع إدراك أهمية عدم الانجراف في مشروعٍ خارجي معروف الأهداف والغايات...!  
أما وقد قالت أصالة ما قالته (بغض النظر عما يُقال اليوم حول تراجعها كلياً أو جزئياً عن موقفها مع "الثورة" وضد النظام) وفي حال لم يعجبها موقفي هذا في عدم أخذ كلامها الأول على محمل "الأهمية" ولا أقول "محمل الجد"، وأرادت هي، أو من يؤيدها ويطيِّب لها ولمواقفها، أن يتم التعامل معها بجديةٍ أكثر كأي صاحب رأي سياسي أو فكري فدعوني أعدِّل من موقفي لأقول التالي:
إن من حق أصالة نصري، فنانةً كانت أو مواطنةً عادية، أن تبدي رأيها السياسي بنظام بلدها وأن تثور عليه وأن تعارضَه وأن تدعو لإسقاطه، أسوة بما شاهدناه ونشاهده في الساحات العربية عموماً، ولكن في الشارع وفي الساحات والميادين (أو حتى على صفحة لها من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي) وليس من خلال المنتديات والبرامج الفنية أو عبر المنابر الإعلامية "المشبوهة في الغالب"...
أقول ذلك ولا أُنكر حقها باعتماد الأسلوبين معاً (أي الشارع مع المنابر)، وأستطرد هنا بأنني كنت لأعتبر أصالة نصري بطلةً من بطلات الثورة (ودون قوسين هنا) لو أطلقت موقفها هذا من قلب سوريا، لا من دولة عربية أخرى، بغض النظر عن كون هذه الدولة مناهضة أو مؤيدة للنظام السوري.
 كذلك أقول بأنني كنت لأعتبر أصالة نصري أكثر من بطلة، في حال أطلقت موقفها هذا من مصر، والتي سأفترض أنها كانت فيها، بحكم عملها أو "وضعها العائلي المستجد" وطارت في الأسبوع التالي إلى سوريا للمتابعة والمؤازرة والتظاهر مع فئات الشعب التي تمنت أصالة في بداية "يقظتها الثورية" أن تكون إلى جانبها (فما الذي منعها ويمنعها) أو في أضعف الإيمان أن تعود إلى سوريا للمشاركة في اجتماعات المعارضة التي تتم على قدمٍ وساق هناك..
كذلك من حق أصالة الآن تحديداً أن تعود إلى سوريا، ولسوف نعتبرها المناضلة السورية العربية الأولى، إذا ما أعلنت ت من أرض وطنها أنها لم تجد في معارضة الداخل ما يُشبع "طموحاتها الثورية"، رافضةً حتى المشاركة في الحوار من خلال موقف يعتبر هذا الحوار غير ذي جدوى، ويطالب بمواقف أكثر صلابة ضد سياسة النظام (بالطبع بعيداً عن موقف العنف والسلاح الذي أنا على يقين أنها لا تنتمي إليه، لا بل تعارضه)...
ولا يعنيني هنا من يطالبني بضمانات السلامة لعودتها هذه، أو من يقول إنها لو عادت لتعرضت للمسائلة أو للسجن أو للتنكيل أو أو..... ومع إدراكي التام أنها لن تتعرض لأيٍّ من هذه الأمور، أفترض الأسوأ وأقول: إن من يتخذ قرار المواجهة بالنضال والمواقف الصلبة مع الشعب ومع الوطن ومع "الثورة" يحتاج هو نفسه إلى خلفية تؤهله التعاطي أو التصرف تبعاً للمفهوم الثوري الذي يبدأ بمواجهة ما ذكرت ويصل إلى عدم الخشية من الاغتيال – لا مجرد التنكيل، وإلا فما معنى أن ندّعي "ثوريةً" تضعنا زوراً في مصاف الثوار الذين اعتُقلوا أو أُصيبوا أو حتى استُشهدوا دفاعاً عن قضاياهم، فهل نتلمس بالفنانة أصالة نصري بعضاً من هذه المفاهيم الثورية؟!
إنني لا أريد أن أكون أكثر قساوة على أصالة الفنانة – المطربة، والتي أساءني جداً موقفُ الكثيرين منها، والذين لاموها في توجهها "المعارض" على خلفية كونها قد تلقت علاجاً برعاية خاصة من قبل الرئيس الراحل حافظ الأسد، وأنا أعارضهم جداً ولا أعتبر لذلك أي علاقة بالموضوع، بل على العكس أنا أحترمها أكثر في حال كانت صاحبة موقف ثابت يستند إلى معطيات وطنية تتجاوز العاطفة الشخصية والمصلحة الشخصية، وترفع الصوت عالياً لتقول أنا تلقيت رعاية شخصية لا أُنكرها، ولكنني أمام التقصير في رعاية الوطن والشعب ككل أتخذ موقفي المغاير.! وطالما أنني لم اسمع منها هذا الرأي في ردها فدعوني أختم بالقول إن أصالة وقعت في أحد إشكالين:
الإشكال الأول أنها أدارت أذنها إلى شخص مقرَّب (ولا أجد حرجاً هنا في القول إنه زوجها الثاني على الأرجح) له مصلحة في إبعادها نهائياً عن بلدها سوريا وعن معمعة زوجها السابق، وحتى أولادها وبصورة أكثر وضوحاً عن جذورها، تمادياً في الاستئثار بها وفي انتسابها النهائي له هو دون غيره من المقرَّبين على مختلف المستويات.
والإشكال الثاني (وهنا أعود لأكرِّس مفهومي الأول وكلامي عن عدم التعامل مع موقفها بالأهمية المطلوبة) أن تكون أصالة، وإزاء ما شاهدته على صعيد ثورتي تونس ومصر، قد افترضت أن السيناريو نفسه مرسومٌ وبالإمكان تحقيقه في سوريا، فأرادت ركوب الموجة التي ما أن أدركت اليوم أنها موجة واهية لا مجال للوصول معها إلى مكان، بدأت برسم خطوط الرجعة، التي أجد إنها ستكون متاحة لها من قبل نظامٍ لن يضع "رأسه برأس أصالة" بل سيتعامل معها من نفس الوجهة التي ذكرتها.
لكن يبقى هنا الموقف الشعبي منها، وهو الأصعب برأيي والأكثر تأثيراً على "نجوميتها" وهي قد بدأت تتلمس ذلك حتى من خلال "جائزة الترضية" التي قُدمت لها، متمثلة ببرنامج تلفزيوني حواري لا شأن لها به، لا بل يعيدنا إلى مقولة "عليكِ الاكتفاء بالغناء وعدم الكلام" لأن نجاحها مستبعدٌ أكثر في لعب دور "المتكلمة" عنها وعن غيرها، كما تفترض هكذا برامج حوارية ستترك المزيد من التأثير السلبي عليها كمطربة أولى؟!          

      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق