الأربعاء، 23 مارس 2011

إلغاء الطائفية السياسية2


الارتقاء بالتحرك من الشعارات إلى الدستور والقانون..

 إن وطناً يتم فيه تقييد أحلام أبنائه حسب تصنيفاتهم الطائفية أو المذهبية
 هو أقل من مزرعة، وقوانينه أرذل من قوانين احتلال!


كتب: مالك حلاوي

في أوج الكلام عن إلغاء الطائفية السياسية في لبنان يبرز السؤال:
هل نحن بحاجة إلى مشروع قانون بهذا الخصوص يُضاف إلى دستورنا المعمول به، وبموجبه يتم إلغاء كل مادة تتعارض مع هذا القانون،  أو إننا سوف نكون بأمس الحاجة إلى دستور بديل في لبنان من أبرز مقوماته إحلال المواطنية محل الطائفة والمذهب؟ 
هذا السؤال لا أملك الإجابة عليه، وكذلك الغالبية العظمى من السائرين بهذا المنحى الشائك، الذي نريده أكبر من شعار وأوسع من تظاهرة شعبية، نريده فعل إيمان يُنقذ أبناءنا وأجيالنا المقبلة مما نتخبط به منذ قيام "دولة لبنان الكبير" حتى اليوم، ولكي نتعاون معاً في التأسيس على قاعدة صلبة لهذا الطرح ووضعه في إطار التنفيذ، أضع بعض المعطيات بين أيديكم ولنبحث جميعاً في مستقبل التحرك الذي بدأتم به كشباب واعد ولا بد أن يُستكمل بأسس راسخة وموضوعية تكفل لكل مواطن الحق بالحلم الذي حرم منه لسنوات ومن الحلم أبدأ:
في مطلع السبعينات كنت من سكان منطقة كرم الزيتون- الأشرفية، وقد ربطتني صداقة بأحد أبناء المنطقة في مثل سني يومها، وكان يتردد على منزلي بكثرة، وفي إحدى المرات دعاني هو إلى منزله ولكن على بعد خطوات طلب مني ألا أذكر أمام أهله أنني "مسلم" وصدقوني يومها وللمرة الأولى أدركت أن كوني مسلماً لا يحق لي أن أحلم بأن أصبح "رئيس جمهورية لبنان" أقول "أحلم" ولا أقول "أسعى"..
صديقي هذا التقيته مرتين بعد نهاية الحرب، صار ظابطاً، وهو يحلم ويسعى لأن يصبح رئيس جمهورية، وهذا حقه...
قلت ذلك كتوطئة للقول إن وطناً يتم فيه تقييد أحلام أبنائه حسب تصنيفاتهم المذهبية هو أقل من مزرعة وقوانينه أرذل من قوانين احتلال، وحق الحلم هنا تصبح مفاعيله أخطر حين نعلم أن أكثر من 15 طائفة في لبنان لا يحق لأبنائها أن يحلموا بأي رئاسة، وأحياناً أي وزارة وإدارة عامة في وطنهم...
هذا ألإجهاض للأحلام بدأ مع توزيع الرئاسات على الشكل التالي، وهذا لا يعرفه الكثيرون:
الرئاسة الأولى: للموارنة
الرئاسة الثالثة: للسنة
الرئاسة الثانية : مداورة بين بقية المذاهب....
إذن حلم الرئاسة الثانية كان موزعاً على بقية المذاهب أو الطوائف، لكن الرئيس الراحل صبري حمادة اعترض عليه وطالب بأن يكون شأن الرئاستين الأولى والثالثة كشأن الرئاسة الثانية، وكي لا يتم فهمه على أساس مذهبي وضع أولى خطوات ما أسماه بـ"مشروع قانون إلغاء الطائفية السياسية في لبنان"، هذا المطلب الذي أرعب البقية فقاموا بـ "رشوته" عن طريق اعتماد الرئاسة الثانية للشيعة فأجهض مشروعه كما تم إلغاء كل مندرجات قانون إلغاء الطائفية، والذي بقي منذ وضع الدستور اللبناني في 23 ايار 1926 بحكم المؤقت وعلى الشكل التالي:
---------------------------------------------------
المادة 95 من الدستور اللبناني:
بصورة مؤقتة، وعملاً بالمادة الأولى من صك الانتداب، والتماساً للعدل والوفاق، تمثل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وبتشكيل الوزارة من دون أن يؤول ذلك إلى الإضرار بمصلحة الدولة.  
------------------------------------
هذه المادة "الإنتدابية" جرى تعديلها لاحقاً بحذف عبارة "من صك الإنتداب"
وبقيت على حالها حتى اتفاق الطائف وإجراء التعديل التالي لتصبح:
------------------------------
المادة 95

عدل نص المادة 95 بموجب القانون الدستوري الصادر في 9/11/1943، ثم الغي هذا النص بموجب القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/9/1990 وابذل بالنص التالي :

على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية.

مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.

وفي المرحلة الانتقالية:

أـ تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.

ب ـ تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وفي ما يعادل الفئة الأولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة.
-------------------------------------------
أما قانون الرئيس الراحل صبري حمادة لإلغاء الطائفية السياسية فقد جاء على الشكل التالي:
------------------------------
مشروع قانون مستعجل مكرر

مادة وحيدة :

تلغى الاعتبارات الطائفية المذهبية من الأنظمة والقرارات والقوانين النافذة في انتخابات:
 المخاتير
البلديات
المجالس الإدارية
مجلس النواب
المناصب
وتستبدل فقرة المذهب من تذاكر الهوية بفقرة لبناني أو لبنانية.
يلغى كل نص قانون مخالف لهذا القانون.
 ------------------------------------------------
إلى هنا أتمنى على كل من يملك الإمكانية أن يشرع في عملية البحث والتدقيق ودراسة المشاريع والأسس الكفيلة بوضع ما يُسمى خارطة طريق للتحرك الخاص تحت عنوان "الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي في لبنان"  خطوة خطوة، وصولاً إلى "دستور لبناني لا طائفي" يكون مُطمئِناً للمترددين ممن يعتبرون أن هذا التحرك يستهدفهم أو يستهدف طوائفهم ومذاهبهم، لنقول لهم إنه على العكس يستهدف المتاجرين بطوائفهم ومذاهبهم والمنتفعين من استمرارية مافيات الطوائف والمذاهب في الإمعان بشد العصب لبقائهم هم في السلطة، لا لبناء دولة وسلطة تصون البلد وكرامة كل أبنائه ولا تضع القيود حتى على أحلامهم..






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق