الأربعاء، 8 يونيو 2011


في تحية واقتباس من المعارض السوري ميشال كيلو

الحركات العربية القائمة
بين الثورات لإسقاط الأنظمة
 "المعادية أو المرتبطة بالعدو"
وقيامة الدولة المدنية

كتب: مالك حلاوي

لو عاد بنا الزمن إلى الوراء قليلاً...
إلى ما قبل ثورتي تونس ومصر بأيام...
أقول لو عاد الزمن ووضعنا في تصوراتنا أن شيئاً ما سيحصل في عالمنا العربي، ومعه ستتغير أنظمة وتنشأ على أنقاضها أنظمة أو صيغة أو تركيبة جديدة تفرض نفسها بقرارات شعبية وشبابية، فأي الأنظمة بنظركم سوف نضعها في اعتبارنا؟؟؟
إن فهمي المتواضع للسياسة في عالمنا العربي تجعلني ممن يستبعدون أول ما يستبعدون النظام التونسي، وبعده ولو بأشواط المصري، وربما أضع في أولى الفرضيات قيامة ثورة شبابية عراقية تطيح بحالة اللادولة واللا نظام القائمة اليوم بفعل الإحتلال المستمر لوطن كان سباقاً في نبذ الإحتلال وفي نشأة الأحزاب والحركات، والأهم لوطن كان الشباب فيه أكثر الناس ثقافة وقراءة وتفاعلاً مع الحركات الثقافية، الثورية، العقائدية وما على ذلك...

أما وقد حصل ما حصل وسقط بن علي ومبارك بين ليلة وضحاها، أو بين صرخة شعبية وصداها، فقد كنت أعتقد أن هذه الكرة من الثلج سوف تتدحرج وخلال أيام لا بد أن تطيح بالقذافي وعلي عبدالله صالح والملك عبدالله وجملة ملوك ورؤساء حكموا شعوبهم ليس بالحديد والنار بل بالتعمية والتضليل..
وقد يسألني البعض ماذا عن سوريا؟.. لهؤلاء لن أقول المزيد وسأعيدهم إلى أشهر المعارضين السوريين وأكثرهم إدراكاً لطبيعة سوريا، لكن قبل ذلك أسأل:
ما هي طبيعة الثورات العربية...؟
هذا إذا ما اتفقنا أن ما يجري في العالم العربي هي ثورات والمطلوب أن تشمل سوريا...
الثورات كما يُفترض أن تكون لها العديد من التفسيرات في العالم، أما في عالمنا العربي فتفسيرها واحد: ثورة لقلب نظام الحكم، ما يعني ثورة على النظام الملكي وتحويله إلى جمهوري كما جرى في ثورة مصر (ثورة الضباط الأحرار) أو ثورة على المحتل (كما ثورة الجزائر) بينما كنا أمام حركات أخرى كثيرة تحمل عناوين: إنقلابات أو حركات تصحيحية وما شابه...
من هنا تكون الحركات الشبابية الحديثة ذات طابع "ثوري" إذا ما تجاوزت كونها حركة تصحيحية داخلية إلى الإطاحة بنظام حكمٍ، إن لم يكن "احتلالاً" فهو صنيعة الإحتلال ومهادن للمحتل وللعدو المتفق عليه في عالمنا العربي كعدو واحد وهو إسرائيل... وهذا ما ينطبق أولاً على النظام المصري والعديد العديد من الأنظمة العربية الأخرى، ولا يمكن تطبيقه نهائياً على سوريا.
 لذا نرى معارضاً عنيداً كميشال كيلو يقول في مقالة له في صحيفة السفير اللبنانية، وبعد استطلاع الواقع الحالي بهذه الفقرة:
"لم يقل أحد، إلا إذا كان ساذجاً، أن ما يحدث في العالم العربي سيكون انتقالاً سهلاً من حالٍ إلى آخر، مناقض له؛ من الأمر القائم إلى الثورة، ومن الاستبداد إلى الحرية، ومن التغيير بالسلطة إلى التغيير بالمجتمع، ومن المجتمع الأهلي إلى المجتمع المدني. من يتابع وضعي تونس ومصر، حيث تم بالفعل إزاحة السلطة، فسيضع يده على محاولات تؤكد قدرة الأمر القائم على تنظيم صفوفه وبدء مقاومة في أشكال وأطر جديدة، أما من يتابع أحوال ليبيا واليمن، فهو سيرى بأم عينه كم هي كبيرة تكلفة التغيير"
يقول كيلو:

-         لا مصلحة لأحد في سوريا في حل يحبــط أو يعوق الحل السياسي. ولا مصلحة للشعب في دفع تكلفة مفزعة من أجل إسقــاط نظام يتعهد بإجراء إصلاح يستجيب للحاجة إلى التغيير والحرية. أقول هذا وأنا أعرف كم سينزل على رأسي من شتائم، وكم سأتهم بالعمالة للسلطة.
وهو يضع يده على الحل حين يقول:
-         - لا يجــب أو يجوز أن يكون هناك مصلحة لأحد في فتنة تقوم أو تدوم، فالــبلد منهك، والنظام قبـِل مطالبَ المتظاهرين وحـدَّد برنامجاً زمنياً قصير الأمد لتحقيقها، بدورهم، يقول المتظاهرون: سلمية، سلمية ـ حرية، حرية ـ الشعب السوري واحد،  ومن واجب الجهتين الضرب بيد من حديد على رأس العصابات والشبيحة، أينما وجدوا وكائناً من كانوا، لأن إجرامهم وإجرام من يساندونهم يقوم على منع الحوار والتفاهم وبناء عقد وطني جديد يخرجنا سلمياً وسياسياً من أزمة يعمقونها ويسعرون نارها، دافعين بالبلاد والعباد إلى هاوية سحيقة تكاد تكون بلا قاع.

إذن بالعودة إلى موضوعنا نسأل لماذا توقفت كرة الثلج هنا، عند مصر وتونس، وهنا أيضاً أستعير من كيلو جملته " إننا نبـارح زمن الثورة العربية الذي بدأ عـام 1952، وندخل إلى مرحـلة تاريخية مختلفة ترتكز على أولوية المواطنة والحرية والعدالة والمـساواة والدولة المدنية وحقوق الإنسان والمواطــن"
  فإذا كانت بالفعل هذه هي أفاق ما يجري في عالمنا العربي فهي تبشر بثورات من نوع آخر لا بد لكل الأنظمة أن تستبق انتفاضة شعوبها بحثاً عن هذه الفضائل "الحرية والعدالة والمـساواة والدولة المدنية وحقوق الإنسان والمواطــن" قبل أن يتم الإطاحة بهذه الديكتاتوريات المتوارثة عندنا، والتي غيبت طيلة عقود حكمها كل ما له علاقة بالمواطن وبحقوقه وبالإنسان وبفضائله...!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق