الثلاثاء، 7 يونيو 2011


جلسة الغد في مهب الجدل القانوني
لكن أي قانون وأي تشريع..
والخلاصة...
"هيدا بلد لأ مش بلد.. هاي قرطة عالم مـ.....قسومين"

كتب: مالك حلاوي

قضيةٌ واحدةٌ عنوانها شرعية أو لا شرعية دعوة دولة الرئيس نبيه بري لجلسة تشريعية يوم غدٍ الأربعاء في الثامن آذار أثارت جملة الآراء القانونية التالية حولها:
النائب مروان حمادة قال:
-         الدعوة لعقد جلسة تشريعية غير قانونية لأنها ستنعقد في ظل حكومة تصريف أعمال، وقد "انفضحت" لا قانونية الجلسة عندما جرى توزيع جدول أعمال جلسة غير ميثاقية تأخذ من صلاحيات رئيس الجمهورية ودوره في الاعتراض بغياب الحكومة، كما تأخذ من صلاحيات رئيس الحكومة...
الوزير السابق مخايل الضاهر رد قائلاً:
-         السلطة التشريعية مستقلة تماماً عن السلطات الأخرى، والدستور يؤكد مبدأ فصل السلطات، والسلطة المشترعة محصورة في مجلس النواب وحده، الذي له الحق في أن يشرِّع، ما يعني أن الشروط القانونية متوفرة، باعتبار الجلسة لا تعقد إلا بدعوة من رئيس المجلس، وعند تعذر وجود رئيس المجلس لنائب الرئيس الحق في ذلك، ولا تعقد الجلسة من دون هذه الدعوة!
أما رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم فقال:
-         في الظروف غير العادية وللضرورة القصوى ينعقد المجلس النيابي ويتخذ القرار المناسب في تأمين مصلحة عامة أو مرفق عام، فالمادة 69 من الدستور تقول صراحة أنه لدى استقالة الحكومة يجتمع مجلس النواب في دورة استثنائية حكماً، ما يعني أن حكومة تصريف الأعمال لا تعطل أعمال مجلس النواب...!
إلى هنا نحن أمام رأيٍ ورأيٍ مضاد تماماً.. وبالقانون، وهنا مجرد نموذجان مع ونموذج ضد، وذلك من جملة عشرات النماذج المماثلة بين من يناطح بالقول إن الجلسة غير قانونية وغير شرعية وغير ميثاقية وغير وغير، ومن يرد بأنها على العكس ميثاقية وقانونية وأكثر من شرعية، والأهم لدى كل طرف مبرراته ونصوصه التي تؤكد كلامه، وبالطبع كلٌّ حسب ميوله، ولو كان الأمر معكوساً، أي لو كانت مصلحة الأطراف معكوسة لرأينا الآراء معكوسة والقوانين مطاطة ومتقلبة عندنا، وهذا ربما ما يدفعنا لسماع رأيٍ آخر فيه التأكيد لتحليلنا هذا..
فالنائب غازي زعيتر قال:
-         إن الكلام حول عدم قانونية الدعوة إلى عقد جلسة عامة لمجلس النواب من قبل رئيس المجلس، وفق تفسير رئيس الهيئة التنفيذية لـ"القوات اللبنانية" سمير جعجع، يعني عدم قانونية الجلسة التي عُقدت في حزيران 2005 ( يعني يوم كانت مصالح الأطراف معكوسة وكان الراغبون في تشريع الجلسة هم أنفسهم الرافضين لتشريعها اليوم) يومها أُقرت ثلاثةُ قوانين، منها العفو العام الصادر عن جعجع نفسه، ما يوجب إعادة محاكمته الآن...
أما النائب نعمة الله أبي نصر فقال:
-          إن الجدل الدائر حول قانونية ودستورية هذه الجلسة يؤشِّر إلى ثغرة في الطائف يجب معالجتها، معتبراً أن هذه الدعوة من شأنها إيجاد مخرجٍ قد يحرِّك عجلة الجمود الحاصل...
ليخلص وزير العدل نفسه ابراهيم نجار إلى القول:
-         يجوز من الناحية القانونية عقد جلسة تشريعية بظل حكومة تصريف الأعمال، لكن الأمر يطرح إشكالية من الناحية السياسية....
إذن أوصلنا الوزير نجار، وهو المعيَّن من قبل رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أكثر المؤكدين لعدم شرعية الجلسة (ما استدعى رد زعيتر عليه) إلى "الزبدة" من خلال هذه الـ "ولكن"... فرجل قانوني بحجم ابراهيم نجار وهو وزير عدل لا يشك بعدله لكن..... هنا تكمن العقدة وتكمن عملية إدراك هذا الوزير لحقيقة لو باح بها دون الـ"ولكن" لقضى على مستقبله السياسي...
ففي بلد زياد الرحباني "هيدا بلد لأ مش بلد.. هاي قرطة عالم مـ.....قسومين" يمكن لكل مشرِّع أو مسؤول أو حتى مواطن أن "يدير إذن الجرة على هواه" كما يمكن للجميع تغيير القوانين والشرائع قياساً للحالة...
عموماً أقول من جهتي الحكاية ليست حكاية جلسة تنعقد أو لا تنعقد، بل هي حكاية وجود فريق في لبنان يصر على عدم الاعتراف بخروجه من السلطة واستئثاره بها لست سنوات من "التكاذب" وفريق غير قادر على استلام السلطة لأنها تكلفه أكثر بكثير من كلفة بقائه في صفوف المعارضة...
وتحضرني قبل الختام حادثة هي التالية:
أحد الأصدقاء المحامين أختلف مع موكله الذي كان يقوم بالدفاع عنه، لأنه اكتشف أنه يكذب عليه في حيثيات القضية، وكذبته هذه أوقعته أمام القضاء، فقال له:
-         يا أخي عليك أنت أن تقول لي الحقيقة كما هي وأنا مهمتي أن اكذب عنك....
ونحن اليوم في لبنان مواطنون يتم الكذب علينا من قبل هذا الفريق أو ذاك بكل المسؤولين والإعلاميين والقضاة والمحامين والمشرِّعين، "المجيشين" للكذب عن أولياء نعمتهم حسب المصلحة والهوى في هذه القضية أو تلك...
فبئس التشريع وبئس القانون في بلدنا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق