الاثنين، 25 أبريل 2011


حقيقة ما يحصل في سوريا

من الاتهام بالاغتيال وتجييره باتجاه المقاومة
 إلى لوي الذراع السوري
الهدف واحد والاستهداف واحد..

كتب: مالك حلاوي


دعوني أسأل في البداية:
هل يحق لمواطن لبناني أن يقول كلمته بمعزلٍ عن اتهامه بالإنتماء إلى هذه الجهة الطائفية أو المذهبية أو تلك، أو إلى هذا الفريق السياسي أو ذاك؟
واستطراداً هل يُتاح لهذه الكلمة أن تُسمع وتُناقش من خلال ما تتضمنه الكلمة نفسها، لا من خلال البحث عن خلفيات قائلها ومحاولة حشره في إحدى الزوايا المذهبية أو العقائدية الضيِّقة؟
أما لماذا أجدُني اليوم طامحاً َ لقول كلمتي هذه في زمن أُغرق فيه الوطن بالكلام من كل الناس، صغاراً وكباراً، ومن أصحاب الرأي ومن غير أصحاب الرأي، ومن الفقهاء إلى السفهاء وصولاً إلى أغبى الأغبياء، ممن يكرِّرون نفس الكلمات المتداولة دون أدنى إدراكٍ من قبلهم حتى لما تتضمنه هذه الآراء أو ما تهدف إليه، فالأمر يعود إلى وجود كلامٍ لم يُقل بعد، وفيه الكثير من المنطق الذي يبدو أنه (أي المنطق) بات هو إمام العصر المغيَّب لأكثر من علةٍ ومن سبب.
فمنذ ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تتوالى المعطيات المحلية والإقليمية، دون إغفال ارتباطها بالنهج العالمي الذي بدأت آفاقه بالظهور مع حدث 11 أيلول كمنعطفٍ لا يمكن للعالم إلاَّ أن يضعه في خانة المحطة المفصلية للتأريخ العالمي الحديث، وكل ذلك ضمن ترتيبٍ واحدٍ وسعياً وراء أهدافٍ معلنة ومحدَّدة لا مجال هنا لتفنيدها ووضع الأصبع عليها، بينما المستهدف ضمن الواقع المحلي اللبناني هو هذه "المقاومة المزعجة والمقلقة لإسرائيل" بأي شكل وبأي ثمن، والقضاء على هذه المقاومة يبدأ في القضاء على مصادر قوتها وليست قضية "سلاح الاتصالات" سوى أحد هذه الإستهدافات، بينما تبقى سوريا على رأس قائمة بنك "الأهداف" ولا يمكن إخراج عملية (اغتيال الرئيس الحريري) عن هذا السياق، حيث انطلق التصويب نحوها بدقة وعلانية وشمولية، ولتتسع رقعة الجازمين ـ لا بل المعادين لكل من يخالفهم الرأي ـ  بأن سوريا ولا أحد غيرها ( اللهم من وصفوا بأتباعها في لبنان من أجهزة أمنية واستخباراتية) هي المسؤولة عن هذه العملية.... حتى بعدما توالت الجرائم والأحداث بين اغتيالاتٍ فظيعةٍ وتفجيراتٍ "نظيفة" حرصت على عدم الإيذاء، وكلها ممهورة (حسب نفس الفريق) بالطابع السوري. ولم يتساءل أحدٌ من هذا الفريق عن المنطق في أن تقوم جهة واحدة بأبشع أنواع الجرائم تارةً، وطوراً تعمل بمنتهى الحرص على عدم إيذاء أحدٍ على نفس الإتجاه وفي نفس المناطق المستهدفة بكل الإعتداءات، وكان من المنطق أن نرى مثلاً تفجيرات نظيفة في منطقةٍ ما وأخرى بشعة في الجهة الأخرى لنقول إنها بمثابة عمليات تمويه، أو على الأقل فلنفصل بين هذه الأفعال وتلك من حيث الجهة الفاعلة!
إن كل ما حصل لاحقاً في لبنان ويوماً بعد يوم انتهى إلى المزيد من الإدانة لسوريا، المفترض أنها وكما أكد الجميع ومن نفس الفريق تقوم بحسابات خاطئة، وتدفع الأمور دون أن تدري لمزيد من إدانتها محلياً وعالمياً لإخراجها من لبنان باعتبارها السند الأساس للمقاومة، والكل تناسى هنا العروض التي تلقاها الأسد-الأب، ومن بعده الإبن بالتخلي عن هذه المقاومة والحصول على وصاية لمدى العمر ربما على الساحة اللبنانية....
اليوم يتم استكمال المخطط من خلال التصويب مباشرة على المقاومة في قضية الرئيس الشهيد الحريري، هذا من جهة ومن جهة أخرى يعاد إحياء نظرية الفوضى الخلاقة باستهداف سوريا من خلال حركة الشارع العربي، ومن خلال تنظيم "مجموعات تخريبية" تستغل بعض الحركات العفوية لمعارضةٍ سوريةٍ كان وما يزال طرحها الوحيد هو إصلاحات لم تصل يوماً إلى حد الكلام عن إسقاط النظام...


وهنا ايضاً أسأل:
أن ما حصل في تونس وفي مصر من إسقاط لهذين النظامين الحديدييَّن ألم يتم سلمياً من قبل المعارضة، التي تعرَّض شبابها للقتل وللدهس من سيارات الشرطة وللمجازر من أسلحتها دون أن تستعمل هي طلقة واحدة بمواجهة "العسكر" بينما نرى اليوم في سوريا أن إطلاق النار في كل مرة كان يتم من قبل هذه المجموعات، وأن الضحايا غالباً تكون من العسكريين وبأسلحة تتجاوز مفاعيلها أسلحة الجيش في عملياته على الأرض...
إننا ونحن نعلن جهاراً بتأييدنا لكل حركات الشباب في العالم العربي من تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين والأردن وغيرها، لا بد لنا أن نعلن تأييدنا لحركة شبابية في سوريا لا تحمل سلاحاً يهدد سلامة الوطن أولاً وأخيراً، حركة سلمية لا تتغذى بالسلاح والمال عبر الحدود، فالشباب المصري عانى من الجوع في ميدان التحرير بداية الثورة، وهذا ما عرفناه من خلال الكثير من الناشطين هناك، وبالرغم من ذلك لم تمتد أياديهم للطلب من أحد في الداخل أو الخارج...
هكذا تنتصر الثورات وهكذا ينتصر الشباب...

فارفعوا أياديكم عن سوريا لأن اللعبة باتت مكشوفة، ولن تتم عملية لوي ذراعها استكمالاً لعملية لوي ذراع المقاومة في لبنان عن طريق "محكمة دولية" تتأجج حيناً وتخمد أحياناً بكبسة زر وبأمر عمليات يتلقفه "المنافقون" في الداخل وفي الخارج ترويجاً وتأييداً وتنزيهاً لها بعد كل ما أثبتته من تزييف وتسييس!   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق