الخميس، 8 مارس 2012

خارطة التقسيم أيضاً وأيضاً


بعد السودان وليبيا واليمن...
الربيع العربي
أم خريف التقسيم تبعاً للتقويم الغربي!
كتب: مالك حلاوي

صفقةُ تقسيم السودان التي جرى بموجبها رفعُ الملاحقةِ الدولية عن الرئيس السوداني عمر البشير، وإن بشكلً غير معلن، وتمَّ بموجبها الاعترافُ بدولة الجنوبِ، التي من أبرز مقوماتها ليس مجردُ الانفتاحِ على دويلة إسرائيل، بل عقدَ الشراكة بين "الدويلتين"، هذه الصفقةُ ما كانت لتمرَّ في ظروفٍ عربيةٍ عادية، حتى في أكثر الأزمنةِ العربيةِ انحداراً وتخاذلاً...
اليوم يأتي خبرُ تقسيم ليبيا، بعد "انتصار ثورتها" التي أطاحت بالزعيم القذافي، وبعد "ازدهار الربيع العربي" فيها، وإن بوسائل الري "الأطلسي" لها، ليعيد المشهد السوداني إلى الأذهان، خصوصاً مع أخبار اليمن التي بات فيها مشروعُ التقسيم قابَ قوسين من التحقيق أو أدنى، لاستعادةِ دولتي الجنوب والشمال، واستعادة اسم علي سالم البيض، إلى جانب الإسم البديل لعلي عبدالله صالح أو نائبه المشير عبد ربه هادي الفائز بنسبة الـ99,8 في المائة "ديمقراطياً" هذه المرة، بعدما أينع "ربيع الديمقراطية" يمنياً، وهذه المرة بوسائل ريٍّ خليجية، والخليج كما تعلمون يا سادة يا كرام هو الأعرق في الديمقراطية وفي تعاقب السلطات ومنع التوريث وحرية التعبير والمعتقد وما إلى هنالك!!!...
أضف إلى كل هذه المحطات المحطةُ العراقية، وهي المثالُ الأبرز على "الربيع الديمقراطي العربي" تبعاً للتقويم الغربي، والذي أثمر عدا كل الجرائم والضحايا والمجازر و"تحرير العراق من المسيحيين" أثمر عن قيام دولة لطالما حارب صدام لعدم قيامها، وهي دولة كردستان، التي تتحول يوماً بعد يوم إلى قاعدة إسرائيلية بعد تقهقر القاعدة الأمريكية منها ومن كل العراق...
 فمن العراق والسودان إلى ليبيا فاليمن، انتفض اليوم المحرِّك الشعبي لـ14 آذار، أي تيار المستقبل ليعلن ولاءه لهذا الربيع العربي...
نعم في هذا الجو التقسيمي المعلن، وفي نفس الوقت الذي تعلن فيه إسرائيل مع أميركا وبعض أوروبا أن كل ما يجري على الساحة يصب وسيصب في رصيدها، وأهم ما فيه إسقاط النظام السوري، والذي لولاه (هذا السقوط المفترض) ما كان التيار "المستقبلي" ليكلَّف نفسه عبء إصدار بيانات تسبق احتفاله المفترض في الرابع عشر من آذار، والذي جرى إلغاؤه هو الآخر لأن "حساب الحقلة لم يتوافق مع حساب البيدر" فبعدما جرى إحياء ذكرى استشهاد دولة لرئيس الشيخ رفيق الحريري في 14 شباط داخل قاعة مقفلة على مئات الموتورين، ووعدٍ بأن يكون التحرك الجماهيري الكبير في 14 آذار، على أمل أنه سيكون موعد سقوط النظام السوري، تبيَّن أن الأوضاع هناك متجهةٌ بعكس ما تشتهي الرياحُ الحريريةُ الغربية، فأعيدت نغمة شفاء "السعد" من أزمتيه الصحية والمالية، بينما الحقيقة أن جميع قوى الرابع عشر من آذار تعاني من نفس العلة (صحياً ومادياً) ولا بد أن تكتفي اليوم بتمديد إقامتها على لائحة الانتظار، انتظار المجهول الآتي بالسمن والعسل على أنقاضِ الجمهورية العربية السورية، دون أن يدري هؤلاء أن انتظارهم على هذا المسرح العربي المتأجج لا يختلف برأيي عن "في انتظار غودو" على مسرح "العبثي" صموئيل بكيت.

في هذا الوقت يجتمع "المستقبليون" نيابةً عن كل الحلفاء، ويجري تصعيدُ لهجةِ الهجوم على النظام السوري ولوازمه الأخرى من سلاح المقاومة إلى النووي الإيراني، تحت شعار المشروع "اللاعربي" للمنطقة، حسب عرّاب المستقبل "العروبي جداً" فؤاد السنيورة، وكل ذلك للقول إن خطابنا يمكن أن يكون أقوى وأكثر فعالية من خطاب "الوليد الجديد" على الساحة الإسلامية أحمد الأسير، الذي بدأت حركته بالتحول من مجرد ظاهرة إلى زعامة فعلية، قام اليوم عمر بكري بمبايعتها معتبراً أن الأسير بات الزعيم الفعلي للسنة، دون أن ننسى مباركة داعي الإسلام الشهال لها لتتحول من حركة صيداوية إلى حركة تمتد من الشمال إلى الجنوب....   
فإذا كانت أميركا بما تمتلك من معلوماتية ومن استشراق للـ"مستقبل" قد أكدت عدم القدرة على إسقاط نظام بشار الأسد بالقوة، فكيف لـ"عرَّاف المستقبل سعد الحريري" أن يعدنا بقرب سقوط هذا النظام خلال أسابيع أو أشهر على أبعد تقدير؟؟؟؟  من هنا نقول إننا اليوم أمام مشروعٍ لا يهدف أبداً إلى سقوط "نظام الأسد"، بل تقسيم البلد حسب المعزوفة المذهبية التي لا يملك "المستقبليون" في لبنان إمكانية العزف على غيرها، وهم كلما أكدوا في بياناتهم عدم العمل على الوتيرة الطائفية والمذهبية إنما يفعلون ذلك من قبيل التأكيد في معرض النفي...
إنه التقسيم ولا شيء سوى التقسيم والكل موعودٌ بحصته منه فدولة سنية في سوريا مقابل دولة علوية تفترض إقامة دولة درزية تجمع الجبلين اللبناني والسوري، وهذا رهان وليد جنبلاط المعادي لسوريا –النظام أو سوريا الموحدة، وحليف الأكثرية في لبنان من باب "التقية" لا أكثر ولا أقل..  وهذا يُترجم لبنانياً بإقامة دولة سنية أو دولة الخلافة الإسلامية التي قال لنا عمر بكري إنها باتت قريبة جداً "أصبحنا على خطوات من إقامة الخلافة الإسلامية في المنطقة".. ولأن الشيعةَ ليسوا بمسلمين برأي "القاعدة" وهي بالطبع القيادة الفعلية لدولة الخلافة هذه، فإن على الشيعة   إقامة دولتهم المتماهية مع العلويين أو الإيرانيين لتكتمل خارطة التقسيم التي سبق أن تطرقنا إليها في أمواج؟!!!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق